الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة فيلم "زهرة حلب": مأساة أمّ تتحدى الإرهاب، لكن ماذا لو انطلق حيث انتهى ؟

نشر في  29 أكتوبر 2016  (16:36)

تجنيد الشباب، وتسفيرهم الى بؤر التوتر بدعوى الجهاد في سبيل الله واقامة الدولة الاسلامية، وما تخلفه هذه الظاهرة من ألم وعذاب لدى العائلات التونسية، هي الفكرة الرئيسية لفيلم "زهرة حلب" للمخرج رضا الباهي، الذي عرض يوم الجمعة 28 أكتوبر ضمن فعاليات حفل افتتاح الدورة 27 لأيام قرطاج السينمائية، كما سبق عرضه في نفس التاريخ للصحفيين بقاعة الكوليزي بالعاصمة بحضور عدد من أبطاله منهم هند صبري ومحمد علي بن جمعة ومخرجه.
ويروي فيلم "زهرة حلب" لمخرجه ومؤلفه رضا الباهي، قصة شاب يبلغ من العمر 18 سنة يدعى مراد يجسد دوره "باديس الباهي"، يعشق الموسيقى والعزف على القيتار ومتفوق في دراسته، حيث تفصله سنة واحدة على الباكالوريا، لكن ونتيجة التغييرات التي جدت على حياته، منها عودته الى ارض الوطن بعد ان عاش وترعرع بفرنسا، وانفصال والديه، وانشغال والده "هشام رستم" بالفن ووالدته هند صبري" بالاسعاف الاستعجالي، كان طعما سهلا للجماعات المتطرفة التي تمكنت من غسل دماغه واقناعه بالالتحاق بهم، والجهاد، والتخلي عن صديقته المقربة وعائلته...
مراد وامام غياب الاحاطة اللازمة وتشتت العائلة تحوّل الى ارهابي وانقطع عن الدراسة وسافر الى سوريا حيث التحق بالارهابيين هناك، ونظرا للتطورات التي جدت بحياة ابنها، تهتز حياة هند صبري"سلمى"، وتقرر انقاذ ابنها واعادته الى حياته الطبيعة، فلا تجد حلا سوى التحيل على الجماعة الارهابية واقناعهم بالذهاب الى سوريا للجهاد، و كل املها اعادة ابنها الى حضنها، في الأثناء يعرض الفيلم قصصا مأساوية عن واقع عائلات اكتوت بنار تسفير اطفالهم الى بؤر التوتر، وينقل شهادات حية لأمهات واباء عجزوا عن اعادة فلذات اكبادهم الذين تأثروا بالفكر المتطرف والتكفيري.. وبالفعل تتمكن سلمى من الذهاب الى سوريا وتحديدا الى حلب عبر تركيا.
وبوصولها تحاول "سلمى" العثور على ابنها، فتضطر للعمل كممرضة، وتحصل على اعجاب امير الجماعة، الذي رشحها للالتحاق بالارهابيين والتمرن على السلاح، في الاثناء تحاول العثور على ابنها لكن دون جدوى، وتلتقي بالجرحى في المخيمات وتساعدهم، حتى تقع في كمين نصبته لهم جماعة مسلحة تابعة للنظام الذين يقوم افرادها باغتصابها وتصويرها وفي غفلة منهم تتمكن من العثور على سلاح، والقضاء عليهم، وتتمكن من الخروج بعد ان تنكرت وارتدت ملابسهم.
في الجهة المقابلة يخرج ابنها صحبة الأمير "محمد علي بن جمعة" للقضاء على العصابة المسلحة، لكن وبخروج والدته متنكرة بزي الجماعة المسلحة، يقوم بقنصها ويرديها قتيلة، ويكتشف بعد فوات الآوان أنه قتل أمه التي عانت الويلات للوصول اليه وانقاذه.. لينتهي الفيلم
هي قصة حزينة ومأساوية وانسانية في الآن ذاته، قصة بعيدة عن السياسة لعائلة تونسية حاولت انقاذ ابنها لكن بعد فوات الآوان، ولعل ما نلومه على فريق العمل هو التمطيط في الأحداث، وعدم اعتمادهم على نسق أسرع خاصة وأن "الخرافة " تمكنهم من ذلك، كما أن ما تم التطرق اليه في الفيلم هو معلوم لدى الجميع، وبالتالي يحق لنا ان نطرح سؤال عن الاضافة التي قدمها هذا العمل السينمائي، والخفايا التي بامكاننا اكتشافها عن هذا العالم، ولعل الاطالة وعدم تطور الاحداث بنسق سريع اسقط الفيلم في الرتابة والملل، ولعلنا ـ وبعد مشاهدة احداث "زهرة حلب"ـ تمنينا لو أن الفيلم انطلقت احداثه من نهايته، اي من لحظة التحاق الأم بالعناصر الارهابية، واعتماد تقنية "الفلاش باك" للتذكير بالأحداث السابقة باختصار ودون تمطيط مبالغ فيه، وهو ما كان سيضفي على الفيلم مزيدا من التشويق والحركة وتسليط الضوء على عالم وواقع النساء اللاتي يلتحقن ببؤر التوتر سواء للجهاد او لغايات اخرى.
هذا من ناحية المضمون، اما من الناحية التقنية، فقد لاحظنا وجود اخطاء كثيرة على مستوى الصوت خاصة حيث عجزنا في بعض المشاهد عن فهم محتوى الحوار..
في المقابل لا بد بالتنويه بالأداء المتميز للممثلة هند صبري العائدة للسينما التونسية بعد غياب دام 7 سنوات، هند صبري  تمكنت من شدنا في أكثر من مشهد ونخص بالذكر مشهد تقمصها لدور المرأة الراغبة في الالتحاق بالجماعات الارهابية، اضافة الى مشهد الاغتصاب الذي لم يسقط في المباشرتية واكتفى بالتركيز على ملامح وجه هند صبري التي عبرت عن المشهد بملامحها اكثر من الصورة، اضافة الى منحها صورة جميلة وايجابية عن المرأة والأم التونسية بصفة خاصة التي تتحدى الجميع وتتجاوز كل العراقيل من اجل انقاذ ابنها.

كما ننوه بدور محمد علي بن جمعة الذي لم نشاهده قبلا في دور مركب حيث اتقن بن جمعة اداء شخصية امير الجماعة الارهابية واقنع في ادائه، رغم غرابة الشخصية علينا ..
ختاما نذكر ان الفيلم الذي تم تصويرة بين تونس ولبنان سيكون بالقاعات يوم 6 نوفمبر، ومدته 105 دقيقة وهو من بطولة كل من هند صبري وهشام رستم و باديس الباهي ومحمد علي بن جمعة وريا العجيمي و شاكرة رماح علاوة على مشاركة ممثلين سوريين من بينهم محمد آل راشي وجهاد الزغبي وباسم لطفي.

سنــاء الماجري